فِيْ مَدِيِنَةٌ الَألَعَابْ "
كَآنَ الَأبْ مَعْ أبَنَائِه الثَلَاثَةٌ فِيْ مَدِيِنَةٌ الَألَعَابْ المُخَصَصَةٌ لِلِأطَفَالْ , وكَآنَ الَأبْ قَدْ تَفَاجَأَ أنْ كَرَتْ الَألَعَابْ الذِيْ اشِتَرَاه مِنْ مَكَتَبْ الَاسِتِقِبَالْ لَايَعَمَلْ وَقَدْ جَرّبَه عَلَى أحَدْ الَأَلَعَابْ , وقَالَ فِيْ نَفَسِه رًبَمَا أنّ هَذِه اللعبَةٌ مُعَطَلَةٌ لَعَلِيْ أُجَرِّبْ لُعبَةٌ أُخرَى , إلَا أنَ الوضَعْ لَمْ يَتَغَيَرْ حَيِثُ لَمْ يَعَمَلْ الكَرَتْ ,وهَكَذَا فِيْ اللعُبَةٌ آلتِيْ تَلِيِهَا حَتَى قَامَ بِتَجَرُبَةٌ الكَرَتْ عَلَى مُعظَمْ الَألَعَابْ , وكَانَتْ النَتِيِجَةٌ ذَاتُهَا فِيْ كُلْ مَرَةٌ , ضَاقَ الَأبْ ذِرَاعَاً وَنَادَى أحَدْ مُشَغِلِيْ الَألَعَابْ وقَامَ بِشَرحْ مُشكِلَةٌ الكَرَتْ الذِيْ اشتَرَاه إلَا أنَه لَمْ يُلَاقِيْ حَلَاً , ثُمَ اضطَرَ لِمُنَادَاةٌ مُشرِفْ الَألَعَابْ وكَانتْ النَتِيِجَةٌ كَسَابِقَتُهَا, ثُمَ اضطَرْ لِلِذَهَابْ لِمَكَتَبْ مُدِيِرْ صَالةٌ الَألَعَابْ الذِيْ أكَدَ لَهُ سَلَامَةٌ الكَرَتْ مِنْ النَاحِيَةٌ التَشَغِيِلِيَةٌ , خَرَجَ الَأبْ مِنْ مَكَتَبْ مُدِيِرْ الصَالَةٌ بِلَا حَلْ , وعِنِدَمَا هَمَ بِالخُرُوجْ ,تَقَدَمَتْ إلَيه طِفِلَتَه التِيْ فِيْ السَابِعَةٌ مِنْ عُمرِهَا وقَالتْ لَهُ والِدِيْ :هَلْ تَسَمَحُ لِيْ بِأنْ أرَى شَكِلْ كَرَتْ الَألَعَابْ الذِيْ بَيِنَ يَدَيِكْ , فَقَالَ لَهَا ومَاذَا سَتَفَعَلِيِنَ أنتِ , فَإنَ الفَنِيِيِنْ ومُدِيِرْ الصَالَةٌ قَبَلُكِ لَمْ يَسَتَطِيِعُوا حَلْ هَذِه المُشكِلَةٌ , وكَانَ مُضطَرَاً لِإعِطَائِهَا الكَرَتْ لِيَرى مَاذَا سَتَفَعَلُ هَذِه الصَغِيِرَةٌ,وكَانتْ المُفَاجَأةٌ عِنِدَمَا رَأتْ الصَغِيِرَةٌ الكَرَتْ فَقَالتْ لَه إنّ هَذَا الكَرَتْ لَا يَخُصْ هَذِه المَدِيِنَةٌ وإنَمَا يَخُصْ مَدِيِنَةٌ ألَعابٍ أُخرَى والتِيْ قَدْ ذَهَبَنَا إلَيِه فِيْ النُزهَةٌ المَاضِيَةٌ , عِنِدَهَا بَدَأ الَأبْ بِتَفتِيِشْ جيُوبِه لِيَجِدْ المُفَاجَأةٌ الَأُخرَى أنّ كَرَتْ المَدِيِنَةٌ الصَحِيِحْ قَدْ وَضَعَهُ فِيْ جَيبَه الَآخَرْ دُونَ أنْ يُكَلِفَ نَفَسَهُ هُو أو فَنِيِو الصَالَةٌ أو حَتَى مُدِيِرْ الصَالَةٌ عَنَاءْ النَظَرْ فِيْ شَكِلْ الَكَرَتْ الذِيْ بَيِنَ أيِدِيَهُمْ ...
( إنّ الكَثِيِرْ مِنْ المَشَاكِلْ لَا وجُودَ لَهَا وإنْ وجدَتْ فَرُبَمَا يَكُونْ الحَلْ لَدَى أُنَاسْ لَا نُلقِيْ لَهُمْ بَالَاً فَلَنَتَذَكَّرْ أهَمِيَةٌ احتِرَامْ آرَاءْ الَأشَخَاصْ بِغضْ النَظَرْ عَنْ أعَمَارَهُمْ )
كُنْ سَيِدَاً لِنَفسِكْ ..!!
فِيْ أَحَدْ صَبَاحَاتٌ شِتِاءْ الرِيَاضْ الجَمِيِلَةٌ وَبَيَنَمَا أنَا مُتَوقِفْ عِنِدَ إحِدَى الِإشَارَاتْ بِالقُربْ مِنْ سُوقٌ صَحَارَي شَمَالْ الرِيَاضْ وإذَ بِشَابْ يَرَكَبْ سَيَارَةٌ فَارِهَةٌ يَقِفْ فِيْ المَسَارْ البَعِيِدْ عَنِيْ أَخَذَ يُلَوِحْ بِيَدَيِه بِحَمَاسْ طَالِبَاً مِنِيْ فَتَحْ النَافِذَةٌ تَفَاعَلَتٌ مَعْ طَلَبِه ظَانَا أنَهُ يَطَلُبْ المُسَاعَدَةٌ وعِنِدَ الَالتِفَاتْ إلَيِه وَجَدَتَهُ مُكَفَهِرَاً عَابِسَاً وَحَدَثٌ مَالَمْ يَسَبُقْ بِه حَدَسْ وَلَمْ يَتَصَورْ فِيْ فِكِرْ حَيِثُ اسِتَجَمَعَ الشَابْ قُواه وَبَصَقَ بِاتِجَاهِيْ وَكَانَتْ المَسَافَةٌ بَيِنَنَا طَوِيِلَةٌ (وَلله الحَمَدْ) ثُمْ أَشَارَ بِيَدِه إشَارَةٌ يَبَدُو أَنَهَا غَيِرْ لَائِقَةٌ ثُمْ غَادَرْ الَمَكَانْ مُسرِعَاً وَهُو فَائِرْ التَنَورْ واغَرَ الصَدِرْ والحَقِيِقَةٌ أنّ تصَرفَهُ اسِتَفَزَنِيْ واَسَتَوقَدَ الغَضَبْ دَاخِلِيْ وأَضَرَمَ غَيِظِيْ وقَدْ هَتَفَ بِيْ حِيِنَهَا صَوتٌ دَاخِلِيْ مُحَرِضَاً عَلَى الثَأَرْ وَرَدْ الَاعِتِبَارْ ولَكِنْ الله وَفَقَنِيْ لِلِتَرَيثْ وَهَدَانِيْ لِلِأنَاةٌ وعَدَمْ العَجَلَةٌ وانَطَلَقَتٌ فِيْ طَرِيِقٌٍ مُعَاكِسٍْ لِطَرِيِقْ صَاحِبِيْ وانَهَمَكَتٌ فِيْ (تَحَلِيِلْ الَمَوقِفْ) بَاحِثَاً عَنْ سَبَبْ لِتَصَرّفَهُ فَبَدَأتُ بِتَجَسِيِدْ عِدَةٌ سِيِنَارِيِوهَاتٌ مِنِهَا: لَرُبَما أَنَنِيْ أَخَطَأتٌ عَلَيِه ، وَرُبَمَا هُو يَمُرْ بِمُشكِلَةٌ عَويِصَةٌ ضَغَطَتْ عَلَيِه ،وَاسَتَحَضَرَتٌ حَقِيِقَةٌ أنْ الرَجُلْ لَا يَعَرِفُنِيْ وغَضَبَهُ فَقَطْ عَلَى الَمَوقِفْ وَكُنُتُ أَنَا الضَحِيَةٌ ،وَكُنُتُ أسَألْ نَفَسِيْ مَاذَا لَو اِنِفَجَرَتْ مَشَاعِرِيْ ولَحِقِتَهُ طَالِبَاً لِلِثَأرْ لَرُبَمَا تَتَطَورْ الَأمُورْ إلَى مَا لَا يَحَدُثْ عُقبَاه خُصُوصَاً أَنَ الشَابْ مَفَتُولْ العَضَلَاتْ وَمِنْ ذَويْ البُنَى الرِيَاضِيَةٌ وَبَعَدَهَا استَقَامَتْ أَحَوالِيْ فَضَلَاً مِنْ الله وَبَرَدَتْ نَفَسِيْ وَسَكَنْ غَضَبِيْ واكَتَشَفَتٌ أنْ حَجَرْ الزَاويِةٌ ومُنعَطَفْ الَأمُورْ هُو صَبَرِيْ لِثَوانٍ بَعَدَ ثَورَانْ النَفَسْ وَبَعَدَهَا اسِتَبَانَتْ لِيْ الَأمُورْ واتَضَحَتْ الرُؤيَةٌ فَالغَضَبْ هُو حَرَكَةٌ سَرِيِعَةٌ، تُثَارْ فَتَنَدَفِعْ .. والَإبِطَاءْ يَمَنَعُهَا,. الَإبِطَاءْ فِيْ الغَضَبْ يُعطِيْ فُرصَةٌ لِلِتَحَقُقٌ، وَلِتَهَدِئَةٌ النَفَسْ مِنْ الدَاخِلْ ،والتَحَكُمْ فِيْ الَأعَصَابْ وَفِيْ اللِسَانْ وَقَدْ جَمَعَتُ لَكُمْ حِزِمَةٌ مُفُيِدَةٌ مِنْ الحُلُولْ التِيْ تُواجِه بِهَا سُورةٌ الغَضَبْ فَاسَتَعِنْ بِالله وَتَسَلَحْ بِهَا وَكُنْ سَيِدَاً لِنَفَسِكْ :
1- اسِتَعِذْ بِالله واذَكُره وَمَعَهُ تَنَطَفِئ النِيِرَانْ وتَخَمَدْ البَرَاكِيِنْ وَتُفَكِرْ فِيْ الَأخَبَارْ الوَارِدَةٌ فِيْ فَضِلْ كَظَمْ الغَيِظْ والعَفُو والَحُلُمْ والَاحِتِمَالْ ..
2- تَأَمَلْ فِيْ قُبُحْ الصُورَةٌ عِنِدَ الغَضَبْ وأَنْ الغَاضِبْ يُشبِه حِيِنَئِذْ الكَلَبْ الضَارِيْ والسَبَعُ العَادِيْ وأنَهُ أَبَعَدُ مَا يَكُونْ مُجَانَبَةٌ لِأَخَلَاقٌ الَأَنَبِيَاءْ والعُلَمَاءْ الفُضَلَاءْ فِيْ أَخَلَاقِهِمْ ..
3- إِذَا احِتَدَمَ الغَضَبْ ، فَتَذَكَرْ أَنَ العُنَفْ والكَلِمَاتٌ الَمُوجِعَةٌ لَا تُطفِئَه وَكَمَا قَالَ أَحَدْ الَحُكَمَاءْ: (النَارٌ لَا تُطفِئْ نَارَاً). وَلِذَلِكْ فِإِنْ الكَلِمَةٌ اللطِيِفَةٌ قَدْ تَكُونْ أَقَدَرْ عَلَى إِطِفَاءْ نَارْ الغَضَبْ.وَتَذَكَرْ أَنَ الغَضَبْ لَا يَحِلْ مَشَاكِلُكَ بَلْ يُعَقِدُهَا.
4- تَحَولْ عَنْ الَحَالْ الَتِيْ كَانَ عَلَيِهَا فَإِنَ كَانَ قَائِمَاً جَلَسْ وَإِنْ كَانَ جَالِسَاً اضِطَجِعْ وَعَلَيِه أَنَ يَتَوَضَأَ أو يَسَتَنَشِقٌ بِالِمَاءْ.
لَا تَظُنْ أنْ الرُجُولَةٌ والشَجَاعَةٌ هِيْ أَنْ تُقِيِمْ الدُنيَا وَتُقعِدُهَا. فَالَاحِتِمَالْ دَلِيِلٌ القُوةٌ. وَالنَرَفَزَةٌ مَظَهَرٌ لِلِضُعفْ وَالعَثَرَةٌ.
5- تَدَرَبْ عَلَى البَشَاشَةٌ ، وَعَلَى هُدُوءْ المَلَامِحْ وَالصَوتٌ وَالَحَرَكَاتٌ.
6- لَا تُحَاسِبْ كُلْ إِنِسَانْ حِسَابَاً عَسِيِرَاً عَنْ كُلْ لَفَظْ وَكُلْ تَصَرُفْ. وَلَا تُؤوِّلْ كَلَامَهُ بِسِوءْ ظَنَ إلَى مَعَانٍ تُتُعِبُكْ.
7- اتُرُكْ الَحَسَاسِيَةٌ الزَائِدَةٌ نَحَو كَرَامَتِكْ وَحُقُوقَكَ ، الَتِيْ تَجَعَلَكَ تَغَضَبْ لِأَقَلْ سَبَبْ ، فَتَفَقِدْ صَدَاقَةٌ وَعِشِرَةٌ النَاسْ.
8- رَاقِبْ الَأخَطَاءْ الَتِيْ تَقَعْ فِيِهَا أَثَنَاءْ غَضَبُكْ . وَدَرِبْ نَفَسَكَ عَلَى التَخَلُصْ مِنِهَا. وَكَمَا تُعَالِجْ نَتَائِجْ غَضَبُكْ ، عَالِجْ أَسَبَابَهُ .
9- عِنِدَمَا نَتَعَرَضْ لِلِإسَاءةٌ نَشَعُرْ بِالِضِيِقٌ والغَضَبْ وَالِإِحِبَاطْ وَمِنْ الَمُفِيِدْ جِدَاً حِيِنَذَاكْ أَنْ نَلَتَمِسْ عُذرَاً لِلِغَيِرْ إنْ أَمَكَنْ ونُحسِنْ الظَنْ بِه وإنْ أسَاءْ التَصَرُفْ مَعَنَا.
وَمَضَةٌ قَلَمْ //
لآتتَكَلَمْ وَأَنَتَ غَاضِبْ .. فَسَتَقُولْ أَعَظَمْ حَدِيِثْ تَنَدَمْ عَلَيِه طِوالَ حَيَاتِكْ .
حَتَى لَا تُوأدَ القُدُرَاتٌ ؛؛؛
كَانَ رَخِيِمَ الصَوتْ عَذَبَ النَبَرَةٌ جَمِيِلَ الَأسُلُوبْ..
مَشَرُوعْ مُذِيِعٌ نَاجِحْ....دَعُيَ فِيْ يَومٍ لِلِتَقَدِيِمْ فِيْ إِحِدَى الَمُؤتَمَرَاتٌ.
.وَعِنِدَمَا شَرَعَ فِيْ الَحَدِيِثْ وَإذّا بِالصَوتْ غَيِرْالصَوتْ
وَالنَبَرَةٌ لَيِسَتْ بِالتَيْ أَعَرِفُهَا.. وَقَدْ بَانَ لِيْ أَنَهُ يُقَلِدْ أَحَدْ الَمُذِيِعِيِنْ الَمَشَاهِيِرْ!..
وَلَكِنْ عِنِدَ الَإِخِفَاقٌ وَالَارِتِبَاكْ لَا تُسَلْ !
فَقَدْ كَانَ حُضُورَهُ ثَقِيِلَاً وَتَقَدِيِمَهُ سَمِجاً مُمِلاً...
ضَاعَتْ الَمَوهِبَةٌ واسَتَحَالَ الَجَمَالْ قُبُحَاً ودَمَامَةٌ
لَقَدْ سَقَطَ فِيْ مُستَنَقَعْ الَتَقَلِيِدْ الَمُقِيِتْ!
إنَ مِنْ عَلَامَاتٌ ضُعفْ الثِقَةٌ بِالنَفَسْ وَمُقَدِمَاتٌ الفَشَلْ الذَرِيِعْ أنَ نَتَقَمَصْ ذَواتٌ أُخُرَى
وَنَتَكَلَفْ مُحَاكَاتِهِمْ وَالذَوبَانْ فِيْ تَفَاصِيِلْ تَحَرُكَاتِهِمْ
فَالَإنِسِانْ نَسِيِجٌ وَحَدَهُ وَشَخَصِيَةُ مُستَقِلَةٌ
وَقَدْ خَلَقَهُ الله وَمَيَزَهُ عَنْ غَيَرَهُ وَوَهَبَهُ مِنْ القُدُرَاتْ الكَثَيِرْ وَلَكِنَهُ يَنَسِفْ كُلْ هَذَا بِالِانِزِواءْ تَحَتَ مَظَلَةٌ الغَيِرْ!
يَقُولْ أَحَدْ عُلَمَاءْ النَفَسْ (مَا مِنْ تَعِيِسْ أَكَثَرْ مِنْ الشَخَصْ الذِيْ يَرَغَبْ فِيْ أنْ يَكُونْ شَخَصَاً آخَرْ مُختَلِفاً عَنْ شَخَصِه جَسَدَاً وَعَقَلَاً)
وَالبَشَرْ عَادَةً مَا يَمُرُونَ فِيْ حَيَاتَهُمْ بِثَلَاثٌ مَحَطَاتْ فِيْ حَيَاتِه هِيْ التَقَلِيِدْ وَالَمُحَاكَاةٌ ثُمَ الَاخِتِيَارْ ثُمَ الَابِتِكَارْ ولِلِأَسَفْأَنَنَا نَرَى الكَثِيِرْ قَدْ أَدَامَ البَقَاءْ فِيْ الَمَحَطَةٌ الَأُولَى فَلَا أَفَكَارَ وَلَا إِبِدَاعْ وَتَجَدِيِدْ..وَهُمْ بِهَذَا يُمَارِسِونْ وَأَدْ مُخُزٍ لِشَخَصِيَاتَهُمْ.
فَالعُظَمَاءْ وَالَمُتَمَيِزُونْ لَمْ يَصِلِوا إلَى تِلِكَ الَمَرَاتِبْ السَنِيِةٌ إلَا بِاعِتِدَادَهُمْ بِأَنَفُسَهُمْ وَثِقَتَهُمْ بِقُدُرَاتَهُمْ وَتَحَرِيِرٌ أَنَفُسَهُمْ مِنْ رُقْ التَشَبُه وأسَرْ الَمُحَاكَاةٌ (قُلْ كُلٌ يَعَمَلْ عَلَى شَاكِلَتِه) وُضُوحْ فِيْ الرّؤُيَةٌ وَثَبَاتٌ عَلَى الَمُعُتَقَدَاتٌ وَإِيِمَانٌ تَامْ بِالِقُدُرَاتْ.
إِنَ مِنْ مَقَايِيِسٌ قُوةٌ الشَخَصِيَةٌ هُو ثَبَاتُهَا فَأَقَويِاءْ الشَخَصِيَةٌ لَاتَجِدَهُمْ يَتَذَبَذَبُونْ هُمْ أَنَفُسَهُمْ سَواءً كَانُوا بَيَنَ أَغَرَابْ فِيْ مُنَاسَبَةٌ أو بَيَنَ أَخَلَاءْ فِيْ لِقَاءْأَسَرِيْ
اتِصَالَهُمْ بِالِآخَرِيِنْ لَا يُزَعَزِعَهُ مَوَاقِفْ وَلَا يُؤَثِرْ فِيِه أَشَخَاصٌ..
تَنَاغُمْ وتَآلُفْ بَيَنَ مَا يَنَطِقُونَ بِه وَبَيِنَ مَا يَكُنُونَه فِيْ قُلُوبَهُمْ..
وَقُوةٌ الشَخَصِيِةٌ لَا تَتَحَقَقٌ إلَا بِتَقَدِيِرٌ لِلِنَفَسْ مُرتَفِعْ فَالذِيْ لَا يَحَتَرِمْ وَلَا يُقَدِرْ نَفَسَهُ يَتَحَرَكَ بِحَسَبْ مَا يَشَتَهِيْ الَآخَرُونْ وَيَتَدَثَرْ تَحَتَ أَغَطِيَتَهُمْ لَا تَجِدَهُ إلَا فِيْ آخِرْ الرَكَبْ لَيِسَ لَه قِيِمَةٌ وَلَا احِتِرَامْ وَلَا تَارِيِخْ وَلَاإِنِجَازَاتٌ
فَإِنَ أَقَويِاءْ الشَخَصِيَةٌ يَحَتَرِمُونَ أَنَفُسَهُمْ وَيَحَتَرِمُونَ النَاسْ، وَهُمْ يَقُولُونَ مَايَعَتَقِدِونَ أَنَهُ الصَوابْ، وَيَتَصَرَفُونَ بِمَا تَمَلِيِه عَلَيِهُمْ ضَمَائِرَهُمْ، فَلَا يَلَهَثُونَ نَحَو إِرِضَاءْ الَآخَرِيِنْ وَلَا تَرَاهُمْ مُتَقَمِصِيِنْ بِأَفَكَارْ لِيَسُوا مُقُتَنِعِيِنَ بِهَا
وَفِيْ هَذَا يُحَكَى أَنَ زَعِيِمَاً دَعَا مَجَمُوعَةٌ مِنْ السِيَاسِيِيِنْ عَلَى مَأَدَبَةٌ عَشَاءْ وَعِنِدَمَا جَلَسَ الَجَمِيِعْ عَلَى طَاوِلَةٌ الطَعَامْ كَانَتْ أَنَظَارٌ السِيَاسِيِيِنْ وَكَافَةٌ حَواسِهِمْ قَدْ اِتَجَهَتْ نَحَو هَذَا الزَعِيِمْ..وَفَجَأَةٌ أَخَذَ أَحَدْ الَأطَبَاقٌ وَمَلَئَهُ حَلِيِبَاً وَلَمْ يَتَوَانَوا عَنْ تَقَلِيِدَه ثُمَ أَخَذَ خُبُزَاً وَفَتَتَه فِيْ الَطَبَقٌ والكُلْ مَاضٍ فِيْمُحَاكَاتِه وتَقَلِيِدَه وأَخِيِرَاً أخَذَ الطَبَقٌ وقَدَمَهُ لِهِرَتِه!!
أَسَقَطَ فِيْ أَيِدِيْ هَؤُلَاءْ الَمُقَلِدِيِنْ وقَدْ كَانُوا يَظُنُونَ أَنَهَا طَرِيِقَةٌ جَدِيِدَةٌ فِيْ تَنَاولْ الطَعَامْ! فَمَا أَقَبَحْ أَنْ يَذُوبْ شَخَصٌ فِيْ شَخَصِيِةٌ آخَرْ أَو أنْ يَتَكَلَفْ تَقَلِيِدَهُ أو أنْ يُفَرِطْ فِيْ الَانِصِهَارْ مَعْ ذَاتْ أخُرَى.. يَفَعَلْ مَا يُرَادٌ مِنِه لَا مَا يُرُيِدْ... فَلَاشَكْ أَنَ هَذَا مِسِمَارْ فِيْ نَعَشْ قَتَلْ الَمَواهِبْ وَرَجِمْ مُتَعَمَدْ لِلِتَفَوقٌ وَإِهِدَارْ للِطَاقَاتٌ وإِلِغَاءْ مُتَعَمَدْ لِلِشَخَصِيَةٌ مِنْ قَامُوسْ النَاجِحِيِنْ..
وَمَضَةٌ قَلَمْ //
إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِمِكَانِكَ أنْ تَكُونْ شَجَرَةٌ صُنَوبَرْ عَلَى قِمَمْ الَجِبَالْ.. فَكُنْ شُجَيَرَةٌ صَغِيِرَةٌ فِيْ الوَادِيْ.. فَسَتَكُونْ أفَضَلْ شُجَيَرَةٌ بِجَانِبْ الغَدِيِرْ.
,‘
فَـ لِتُشَرِقْ شَمَسكْ .. ؛؛؛
عَلَى أَحَدْ الطُرقْ السَرِيعَةْ .. تَوقَفْ السَائِقْ لِدَفَعْ رُسَومْ الطَرِيقْ ..
وَالغَرِيبْ أَنَهْ دَفَعْ ضِعَفْ المَبلَغْ المَطَلوبْ ! وَأَشَارْ بِيدِهْ إِلَى السَيَارَةْ التَيِ خَلَفُهْ لَافِتَاً اِنَتِبَاهْ المَوظَفْ إِلَى أَنَهْ قَدْ سَدَّدّ عَنْ صَاحِبُهَا الرَسَمْ .. ثُمْ مَضَى حَالْ سَبِيلُهْ !.
سُئِلْ عَنْ صِلَتُهْ بِالشَخَصْ الذَيْ سَدَّدّ عَنَهْ الرُسَومْ : صَدِيقْ أَمْ قَرِيبْ أَمْ جَارْ ؟!
قَالْ : لَا أَعَرِفُهْ !!!
إِذَنْ : لِمَاذَا سَدَدَتْ عَنَهْ ؟!
قَالْ : عَودَتْ نَفَسِيْ عَلَى هَذَا ، وَلَا أَجِدْ أَنْ المَبَلَغْ الذَيِ أَدَفَعُهْ يِوازِيْ سَعَادَتِيْ تِجَاهْ إِدَخَالْ السَرورْ عَلى الـآخَرِينْ ..
الله مَا أَرَوعَكْ !!
سَائِقْ بَسِيطْ المُؤَهِلْ .. مُتَواضِعْ الثَقَافَةْ .. اهَتَدىْ بِالمَمَارَسَةْ إِلَى هَذِهْ الحَقِيقَةْ العَمِيقَةْ !
إِنَ مِنَ الأَشَيِاءْ التَيْ اتَفَقْ عَلَيهَا المُصَلِحُونْ الذَيِنْ تَحَدثُوا عَنْ السَعَادَةْ وَمُسَبِبَاتَهَا أَنْ العَمَلْ عَلَى إِسَعَادْ الـآخَرِينْ يُعَتَبَر مِنَ أَقَوىْ الـأَسَبَابْ الجَالِبَةْ لِلسَعَادةْ .
وَمَا أَرَوعْ هَذَا العَطَاءْ إِذَا صَاحَبَتهْ نِيةْ صَادِقَةْ وَقَصَدْ مُخَلِصْ لله : (وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ).
وَمِنْ أَقَوىْ حَالَاتْ العَطَاءْ وَأَعَظَمْ دَرَجَاتْ البَذَلْ هَو مُجَاوزَةْ دَرَجَةْ العَطَاءْ المُتَوقَعْ إِلَى مَا لَا يُتَوقَعْ !.
وَقَدْ قَرَأَتْ جَمِيلَةْ رَائِعَةْ فِيْ أَحَدْ الكُتَبْ تَقَولْ : (قَدِّمْ لِلـآخَرِينْ عَطَاءْ لَا يَحَلَمُونْ فِيْ أَحَلَامِهَمْ الوَردِيةْ أَنْ يُقَدِمَهْ لَهُمْ أَحَدْ ).
وَالمُتَأَمِلْ فِيْ سِيرَةْ الحَبِيبْ يَجِدْ تِلكْ الصِفَةْ العَظِيمَةْ .. كَمَا فَعَلْ مَعْ ذَلِكْ الَأعَرَابِيْ حَدِيثْ العَهَدْ فِيْ الِإسَلَامْ ؛ حَيِثْ مَنَحَهْ وَادِيَاً مِنْ غَنَمْ ، فَولاّهْ الَأعَرَابِيْ ظَهَرهْ فَرِحَاً مَبَهُوتَاً مُتَمَتِمَاً بِعَظَمَةْ العَطَاءْ .
مَا أَجَمَلْ أَنْ يَكُونْ العَطَاءْ عُمَومَاً صِفَةْ مُلَازِمَةْ وَعَادَةْ لَا تَنَفَكْ ؛ فَالِانَدَفَاعْ الشَدِيدْ نَحَو حِيَازَةْ الَأشَيَاءْ ، وَالجَنَوحْ المُبَالَغْ فِيهْ نَحَو المَادِيَاتْ ، وَالمُلَاحَقَةْ الَلَاهِثَةْ نَحَو الَأخَذْ وَالنَوالْ مِنْ الـآخَرِينْ ؛ كُلْ تِلكْ الَأشَيَاءْ لَنْ تُثَمِرْ أَبدَاً عَنْ إِشَبَاعْ الرُوحْ بِالرِضَا وَالطُمَأنِينَةْ .. وَالذَيْ يَكَفِلْ تَحَقِيقْ هَذَا هَو العَمَلْ بِقَانَونْ العَطَاءْ وَالمَنَحْ . وَيُشَدِدْ عَلَى هَذَا مُدَرِبْ كُرَةْ القَدَمْ الَأمَريِكيْ الشَهَيِرْ جُونْ وَوَدِينْ بِقَولَهْ : (لَا يُمَكِنَكْ أَنْ تَعِيشْ يَومَاً كَامِلَاً دُونْ أَنْ تَفَعلْ مَعَرُوفَاً مُفِيدَاً لِشَخَصْ لَا يَسَتَطِيعْ رَدّهْ ، وَهَذَا يَعَنِيْ أَنْ تَفَعَلْ هَذَا لِشَخَصْ لَنْ يَعَرِفْ حَتَى مَنْ فَعَلْ هَذَا المَعَرُوفْ ).
عَظِيمْ أَنْ نُعَطِيْ بِلَا مِنّ وَلَا أَذَىْ … لله فَقَطْ ..
عَظِيمْ أَنْ نُعَطِيْ مَنْ لَا يَسَتَحِقْ ..
عَظِيمْ أَنْ نَحَفِظْ الَأسَرَارْ وَنُشَاطِرْ الهُمَومْ وَنُشَارِكْ الَأحَلَامْ ..
عَظِيمْ أَنْ نَبَتَسِمْ لِمَنْ لَا يَبَتَسِمْ لَنَا ..
عَظِيمْ أَنْ نَضَحَكْ لِطُرَفَةْ سَمِعَنَاهَا كَثِيرَاً..
عَظِيمْ أَنْ نَسَمَعْ لِصَغِيرْ وَنَتَفَاعَلْ مَعْ طَرَحْ (مُمِلّ ) لِشَيخْ كَبِيرْ..
عَظِيمْ أَنْ نَعَفُو وَنَتَسَامَحْ مَعْ جَلِيلْ الَأخَطَاءْ ..
وَمِنْ أَرَوعْ العَطَاءَاتْ أَنْ نُعَطِيْ جُزَءَاً مِنْ أَوقَاتَنَا ، وَأَنْ نُعَطِيْ جَزَءَاً مَنْ تَفَكِيرَنا وَاهِتَمَامَنَا لِلـآخَرِينْ حُبَاً وَتَعَاطُفَاً وَوَفَاءً لِإنَسَانِيتَهُمْ وَطَمَعَاً فِيْ الَأجَرْ وَالمَثُوبَةْ ..
أَفَكَارْ عَمَلِيةْ
أَخِيْ الزَوجْ مَا رَأَيُكْ أَنْ تُطَبِقْ هَذَا المَفَهُومْ مَعْ زَوجَتَكْ .
وَلِنَفَتَرضْ أَنَهَا دَائِمَاً مَا تُبَدِيْ إِعَجَابِهَا بِأَحَدْ أَنَواعْ السَاعَاتْ الفَخَمَةْ ، وَكَثِيرَاً مَا تُرَدِدّ لَو أَنَهَا فَقَطْ لَو لَبِسَتَهَا لِمَرّةْ وَاحِدةْ فَقَطْ ، وَهِيْ تَعَلَمْ أَنْ ظُرَوفَكْ لَا تَسَمَحْ بِإحَضَارْ وَلَو (السَيِرْ) ، فَكِيفْ بِالسَاعَةْ نَفَسَهَا ؟! فَخَطِّطْ مَا أَمَكَنَكْ الحَالْ عَلَى إِحَضَارُهَا لَهَا وَلَو كَانَتْ خُطَة بَعِيدَةْ الأَجَلْ .. جَزَمَاً سَتَكُونْ مُفَاجَأةْ مُبَهِرةْ ، وَسَتَجِدْ مِنَهَا شَلَالَاتْ العَطَاءْ تَتَدَفَقْ .. وَلَو كَانَتْ أُسَرَتَكْ لَا يَتَجَاوزْ حَدْ أَحَلَامُهَا وَلَا سَقَفْ أَمَانِيهَا رَحِلَةْ قَصِيرَةْ لِ (البَرْ) فَرَائِعْ مِنَكْ لَو فَاجَأَتُهَمْ بِرَحَلَةْ خَارِجَيةْ .. وَلَو افَتَرضَنَا أَنَكَ قَابَلَتْ مُحَتَاجَاً وَأقَصَى مَا يَتَمَنَاهْ رِيَالْ فَأَعَطِهْ خَمَسِينْ رِيَالَاً وَاَحَتَسِبْ تِلَكْ الَانَقَلَابَةْ الشُعَورِيَةْ لِهَذَا الفَقِيرْ!!.
أَنَا لَا أَتَحَدَثْ عَنْ مُسَتَحِيلَاتْ ، فَقَطْ هِيْ دَعَوةْ لِتَغَييِرْ مَسَارْ التَفَكِيرْ وَالعَمَلْ عَلَى تَغَييِرْ نَمَطَيِةْ الحَيَاةْ بِشَيءْ مِنْ التَخَطِيطْ وَسِعَةْ البَالْ وَنِيَةْ طَيِبَةْ ..
تِلَكْ لَيِسَتْ نَصِيحَةْ صَغِيرَةْ وَلَا مَوعِظّةْ عَاجِلَةْ بِأَنْ نُؤَثِرْ الـآخَرِينْ عَلَيِنَا .. لَا ، إِنَمَا هِيْ مُعَادَلَةْ خَطِيرَةْ لِلحَيَاةْ وَوَصَفَةْ فَعّالَةْ لِلسَعَادَةْ وَخَطَةْ عَمَلِيَة سَتُثَمِرْ عَنْ فَوائِدْ حَقَيِقَيَةْ وَمَصَالِحْ غِيرْ مَحَدُودَةْ فِيْ الدَارَينْ مَتَى مَا كَانَتْ النَيِةْ الصَادِقَةْ حَاضِرَةْ .
فَقَطْ أِعَطِ وَسَتَأخُذْ بِلَا حَدُودْ ..
وَمَضَةْ قَلَمْ //
الشَخَصْ العَظِيمْ هُو الذَيْ يُحِبّ الَآخَرِينْ ، لَيِسْ مِنْ أَجِلْ مَا يُمَكِنَهُمْ تَقَدِيمُهْ لَهْ ، بَلْ مِنْ أَجَلْ مَا يُمَكِنَهْ أَنْ يُقَدَمَهْ لَهَمْ .